السجائر الإلكترونية.. مراهقون في مرمى صناعة التبغ
أفاد الدكتور الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، أن السجائر الإلكترونية، سلاح صناعة التبغ، لإدمان قاتل مُخَطط له، رغم أن أرقام التعاطي بالمغرب هي أقل من دول شمال أفريقيا، وأقل بكثير من معدلات الدول الأوروبية.
السيجارة الإلكترونية تهديد قاتل للأجيال الجديدة
وأضاف حمضي، من خلال مقال توصل به موقع “إحاطة.ما”، أن واحدا من كل ثمانية شباب أو مراهقين مغاربة في المدارس، يستعمل أو سبق أن استعمل السيجارة الإلكترونية، لافتا أن نسبة الذكور أربعة أضعاف الإناث.
وزاد: أن التعاطي والتجريب، يبدأ مبكرًا جدًا، “حتى قبل سن العاشرة، ولكنه يبدأ بشكل عام بالنسبة لغالبية المراهقين بعد سن الرابعة عشرة”.
وواصل، أن الجهود المبذولة للحد من استخدام التبغ، أضحت تؤتي ثمارها بانخفاض معدل انتشار التدخين بين التلاميذ بنحو الثلث في غضون عقد من الزمن. لكن هذا الانخفاض يتعرض للنسف للأسف بسبب وصول السجائر الإلكترونية.
وأردف الباحث في النم الصحية، أنه بسبب روائحها الفاكهية، وألوانها الشبابية، وسهولة الوصول إليها في كثير من الأحيان، والاستراتيجيات الدعائية الشرسة التي تتبعها صناعة التبغ، “فإن هذه المنتجات الجديدة توقع بشكل متزايد الأطفال والمراهقين والشباب والنساء في دوامة من الإدمان المميت.
منتجات جديدة من أجل إعطاء “حياة جديدة” لصناعة الموت!
في هذا الإطار، أكد الدكتور أن من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البث المباشر، التي تحظى بشعبية كبيرة لدى الشباب، أطلقت صناعة التبغ استراتيجيات إعلانية جديدة لبيع الإدمان القاتل على نطاق واسع. “والغرض هو استقطاب ما يكفي من الأطفال والمراهقين والشباب لتعويض خسارة “زبنائها”: الملايين من الوفيات كل عام بسبب التبغ، وعشرات الملايين الذين يتوقفون عن التدخين. الإدمان منذ الصغر يضمن ولاء “الزبناء” على المدى الطويل”.
وأضاف: “تشكل السيجارة الإلكترونية بالنسبة لصناعة التبغ، سلاحها الجديد (الإدمان وقوة البيع)، وحصان طروادة (تسهيل المرور للتعاطي للمواد الأخرى التقليدية).
السيجارة الإلكترونية: مخاطر حقيقية وليست مخاطر إلكترونية
وحسب حمضي دائما، تعتبر منظمة الصحة العالمية والخبراء منتجات التبغ الجديدة، بما في ذلك السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن، مواد ضارة على قدر ضرر السجائر التقليدية، وأثبتت الدراسات أن من شأن السجائر الإلكترونية، مثلها مثل التقليدية، أن تسبب أمراضاً مثل السرطان، وأمراض الجهاز التنفسي، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والاكتئاب، والقلق، والالتهابات… وتؤثر على صحة المرأة الحامل وجنينها. وتؤثر أيضا لدى الأطفال على الدماغ، الذي يبقى في طر النمو حتى سن الخامسة والعشرين، وتؤثر على التعلمات.
وأضاف: “بالنسبة للبالغين غير المدخنين والأطفال والمراهقين والشباب والنساء الحوامل، تعتبر السجائر الإلكترونية خطرًا أكيدا على الصحة ومدخلا لإدمان مميت. وبالنسبة للبالغين الذين يتعاطون للتدخين، فليس هناك دراسات حتى اليوم تثبت فائدتها في المساعدة على الإقلاع عن التدخين، ولا كونها أقل خطورة على الصحة. وترى منظمة الصحة العالمية أنه لا ينبغي الترويج للسجائر الإلكترونية كوسيلة للمساعدة للإقلاع عن التدخين”.
السجائر الإلكترونية التبغ الشيشة الحشيش.. استئناس مبكر وانتشار مقلق
وذكر حمضي، أن دراسة أجريت سنة 2021، أظهرت أن تعاطي المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة، للمواد ذات التأثير النفساني خلال حياتهم، 12.5% منهم استعملوا السجائر الإلكترونية، الشيشة 11.4%، التبغ 11.1%، المهدئات بدون وصفة طبية 8.5%، الكحول 7.2%، الحشيش 5.8%، الإكستاسي 2.5%، الكوكايين 1.6%، والهيروين 0.9%.
وأضاف، أنه بالنسبة لمعيار الاستخدام خلال الأشهر الـ12 السابقة للدراسة، انخفض معدل انتشار تعاطي التبغ بين المراهقين من 9.3% إلى 6.5% بين عامي 2009 و2021. وبنفس القياسات، تضاعف استخدام المهدئات بدون وصفة طبية ثلاث مرات تقريبًا. من 2.2% عام 2009 إلى 6% عام 2021 ، الإناث أكثر من الذكور.
أرقام عن التعاطي للسجائر الإلكترونية لدى المراهقين المغاربة
في هذا الإطار، كشف حمضي، أن دخول السيجارة الإلكترونية في حلبة السباق، أطاح بجميع المواد المسببة للإدمان الأخرى. مشددا أنه إدمان يهدد حياة وصحة والرفاه الاجتماعي والاقتصادي للأجيال القادمة.
وأضاف حمضي بالأرقام، أن 12.5% من المراهقين (أي واحد من كل 8) يستخدمون أو استخدموا بالفعل السجائر الإلكترونية، منهم 21.1% بين الذكور و5.2% بين الفتيات (واحد من كل خمسة أولاد وواحدة من كل 20 فتاة). الذكور أربع مرات أكثر من الإناث .
وزاد: “المسح أبان أن عملية تجريب السجائر الإلكترونية بدأت بين التلاميذ المستعملين لها قبل سن العاشرة بنسبة 7.7% منهم، وبين 10 و12 سنة بـ 9.6% (أي واحد مسنة 23 مستهلكين)، وبين 13 و14 سنة 23.4%. (أي الربع) وبين من هم بعمر 15 سنة فما فوق بنسبة 60% (أي 3 من أصل كل 5 مستهلكين). غالبية مستهلكي السجائر الإلكترونية من المراهقين، شرعوا في دلك ابتداء من سن 14 عامًا”.
وأشار حمضي، أن معدلات تعاطي المراهقين المغاربة للسيجارة والسيجارة الاليكترونية، تبقى الأقل في دول شمال إفريقيا التي شملتها الدراسات، بمعدل أقل من معدل المنطقة وأقل بكثير من معدلات الدول الأوروبية. لكن ذلك ينبهنا إلى أين يمكن ان تتجه الأمور مستقبلا”.
صناعة التبغ تتحمل مسؤولية الأضرار الناجمة عن استراتيجياتها المتعمدة
واعتبر حمضي، أن “عدو” الحياة والصحة الذي يجب إدانته، في ضوء جميع البيانات، هو صناعة التبغ، التي تخلق عمدا لأغراض تجارية بحتة إدمانا قاتلا بين الشباب والأجيال القادمة.
واضاف: “إن حماية الأطفال والأجيال القادمة من هذه التلاعبات، ومواصلة الحرب ضد التبغ للحد من استهلاكه بشكل أكبر، تتطلب التزاماً من جميع الأطراف: الحكومات والمشرعين والمنظمات غير الحكومية والآباء والشباب”.
وزاد: “إذا كانت الدراسات، بالنسبة لتاريخ التبغ، لم تظهر سميته وخطورته إلا ابتداء من سنة 1950، قرونا بعد البدء في استخدامه، فإننا هذه المرة، بالنسبة للسيجارة الإلكترونية، نعرف ما ينتظرنا، وما ينتظر أطفالنا والأجيال القادمة. إن صناعة التبغ مسؤولة عن الضرر الذي تسببه استراتيجياتها. الصمت سيكون تواطؤا قاتلا”.
معطيات عن مخاطر التدخين
وقدم حمضي معطيات مهمة عن مخاطر التدخين، حيث يقتل التبغ حوالي واحد من كل شخصين لا يقلع عن التدخين، ويسبب التبغ ما يقرب من 8.3 مليون حالة وفاة كل عام، منها 1.3 مليون من غير المدخنين الذين يتعرضون بشكل لا إرادي لدخان التبغ (يطلق عليهم المدخنون السلبيون).
في عام 2020، يضيف حمضي استخدم 22.3% من سكان العالم التبغ: 36.7% من الرجال و7.8% من النساء، بينما انخفض استهلاك التبغ، “لكنه لا يزال غير كاف، حيث يستهلك حوالي 1 من كل 5 بالغين في العالم التبغ في عام 2022، مقارنة بـ 1 من كل 3 في عام 2000”.
واعتبر حمضي أن 90% من جميع حالات سرطان الرئة تكون بسبب التدخين، وما يقرب من نصف الوفيات الناجمة عن التبغ ترجع إلى أمراض القلب والأوعية الدموية، وربعها إلى سرطان الرئة، إذ يموت المدخنون في المتوسط 8 سنوات قبل غير المدخنين.
وأردف أن حوالي 20 نوع من السرطانات يرتبط بالتبغ، واستخدامه مع حبوب منع الحمل يضاعف خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بمقدار20 مرة أكثر، فضلا أنه يسبب 21 مرضاً مزمناً.